معايير المياه الصالحة للشرب

تعد المياه من أهم الموارد الطبيعية التي يعتمد عليها الإنسان بشكل أساسي في حياته اليومية، حيث لا يمكن لأي كائن حي العيش دون ماء. لكن، ليس كل الماء في الطبيعة صالحًا للشرب، بل يتطلب أن يتوفر فيه مجموعة من المعايير التي تضمن سلامته وصحته للاستهلاك البشري. في هذا المقال، سنتناول معايير المياه الصالحة للشرب من مختلف الجوانب الصحية والبيئية والتقنية.

1. معايير المياه الصالحة للشرب:

تشمل معايير المياه الصالحة للشرب معايير صحية وبيئية تحدد محتوى الماء من الملوثات التي قد تؤثر على صحة الإنسان. تستند هذه المعايير إلى مجموعة من المواصفات التي تقيم جودة الماء بناءً على عوامل عديدة مثل درجة الحرارة، الحموضة، التركيب الكيميائي، إضافة إلى وجود الميكروبات والمركبات السامة. وتهدف هذه المعايير إلى ضمان أن المياه التي يتناولها الإنسان خالية من العوامل الممرضة والمواد السامة التي قد تسبب له الأمراض.

2. المواصفات الكيميائية للمياه الصالحة للشرب:

من أهم المعايير الكيميائية التي يجب توافرها في المياه الصالحة للشرب هي:

• الحديد والمنغنيز: يجب أن تكون مستويات الحديد والمنغنيز في الماء ضمن الحدود المسموح بها، حيث أن تجاوز هذه المستويات قد يؤثر على طعم الماء ويؤدي إلى التلوث البصري.

• الكلور: الكلور هو أحد المواد التي تضاف إلى الماء لضمان تعقيمه، لكن يجب أن يكون تركيزه في الماء منخفضًا بما لا يؤثر على صحة المستهلك.

• النيتروجين والنترات: يسبب ارتفاع مستويات النترات في المياه إلى تلوث المياه، حيث يمكن أن تؤدي إلى مشاكل صحية خاصة للأطفال.

• الزئبق والرصاص: هذه المواد الثقيلة تعتبر سامة، ويتطلب أن تكون مستوياتها في الماء أقل من الحدود المسموح بها للحفاظ على الصحة العامة.

• الأس الهيدروجيني (pH): يجب أن تكون قيمة pH الماء بين 6.5 و8.5 لضمان كونه صالحًا للشرب.

3. المواصفات البيولوجية للمياه:

تعد المواصفات البيولوجية جزءًا أساسيًا من معايير المياه الصالحة للشرب، وتشمل فحص وجود الميكروبات والعوامل الممرضة في الماء. أبرز الميكروبات التي يتم قياسها في المياه:

• البكتيريا القولونية: يجب أن يكون مستوى البكتيريا القولونية في المياه صفرًا أو في حدوده الدنيا، حيث أن وجودها يشير إلى تلوث المياه بالمخلفات البشرية أو الحيوانية.

• الطحالب والفطريات: يمكن أن تؤدي الطحالب والفطريات إلى تلوث الماء وظهور روائح كريهة، مما يضر بجودته.

• الفيروسات والطفيليات: تعد الفيروسات والطفيليات مثل “الجيارديا” و”الكرسييديا” من الملوثات الخطرة التي تؤثر على صحة الإنسان.

4. المواصفات الفيزيائية للمياه:

المواصفات الفيزيائية للمياه تعكس مظهرها وخواصها الحسية، وهي جزء مهم من معايير جودة المياه. تتضمن هذه المواصفات:

• اللون: يجب أن يكون الماء شفافًا خاليًا من أي لون أو عكر، حيث أن وجود اللون قد يشير إلى وجود مواد عضوية أو ملوثات.

• الرائحة: يجب أن تكون المياه خالية من الروائح الغريبة أو الكريهة. أي رائحة غير مألوفة قد تدل على تلوث كيميائي أو بيولوجي.

• الطعم: من المعايير المهمة أيضًا أن يكون الماء خاليًا من أي طعم غير طبيعي قد يؤثر على جودته.

5. المواصفات الفيزيائية الخاصة بالمياه:

• التركيز المعدني: يجب أن تحتوي المياه على معادن مثل الكالسيوم والمغنيسيوم بنسب معينة، حيث أن نقص هذه المعادن أو زيادتها قد يؤثر على صحة الإنسان.

• الصلابة: تعتبر صلابة المياه مقياسًا لمحتوى المعادن الذائبة مثل الكالسيوم والمغنيسيوم. إذا كانت المياه صلبة جدًا، فقد تؤدي إلى تراكم الرواسب في أنابيب المياه والأجهزة المنزلية.

6. معايير المياه الصالحة للشرب حسب المنظمة العالمية للصحة:

تحدد منظمة الصحة العالمية (WHO) معايير دقيقة للمياه الصالحة للشرب التي يجب أن تلتزم بها الدول لضمان صحة أفرادها. وتشمل معايير المنظمة الدولية:

• التركيز الآمن من الكلور: يتم تحديد كمية الكلور المسموح بها في المياه لتكون فعالة في قتل الميكروبات دون التأثير على صحة الإنسان.

• مستويات المعادن السامة: تم تحديد الحد الأقصى المسموح به من المعادن السامة مثل الرصاص والزئبق لضمان عدم تأثيرها على الجسم.

7. إجراءات فحص المياه وتطهيرها:

يتم فحص المياه بشكل دوري باستخدام عدة تقنيات لتحديد ما إذا كانت تفي بالمعايير الصحية أم لا. تشمل إجراءات الفحص:

• الفحص الميكروبيولوجي: ويشمل فحص المياه للكشف عن الميكروبات المسببة للأمراض.

• الفحص الكيميائي: يهدف إلى فحص وجود الملوثات الكيميائية والسموم.

• الفحص الفيزيائي: يتم فحص خواص الماء مثل اللون، الطعم، والرائحة.

تعتبر تقنيات تطهير المياه من أهم وسائل ضمان السلامة، حيث يتم تعقيم المياه باستخدام الكلور أو الأشعة فوق البنفسجية أو أنظمة الترشيح.

8. الطرق الحديثة لتنقية المياه:

مع التقدم التكنولوجي، ظهرت العديد من التقنيات الحديثة التي تساهم في تنقية المياه وجعلها صالحة للشرب. من أبرز هذه الطرق:

• الفلاتر المنزلية: تستخدم فلاتر المياه المنزلية لإزالة الشوائب والمعادن الثقيلة من الماء، وتعد من الحلول السهلة المتاحة للأسر.

• التناضح العكسي: هي تقنية تعتمد على مرشح دقيق لفصل الملوثات عن الماء.

• الأشعة فوق البنفسجية: تستخدم هذه الطريقة لتعقيم المياه وقتل الميكروبات الضارة.

9. أهمية المياه الصالحة للشرب في الحياة اليومية:

تأثير المياه الصالحة للشرب على الصحة العامة لا يمكن أن يتم التغاضي عنه. فالماء النظيف يعزز من صحة الجهاز الهضمي، ويحسن من كفاءة الجسم في أداء وظائفه الحيوية. إضافة إلى ذلك، فإن الماء النقي يحمي الأفراد من الإصابة بالعديد من الأمراض مثل التسمم المائي والإسهال الذي تسببه المياه الملوثة.

10. أثر التلوث على المياه:

يعد تلوث المياه أحد التحديات الكبيرة التي يواجهها العالم، حيث تساهم الأنشطة البشرية مثل الزراعة والصناعة في تلويث مصادر المياه. تلوث المياه قد يسبب في النهاية ظهور أمراض معدية والعديد من المشاكل الصحية الأخرى، مما يتطلب اتخاذ إجراءات فعالة لتقليل التلوث.

الخاتمة:

في النهاية، لا يمكن الاستغناء عن المياه النظيفة في حياة الإنسان. إن ضمان توفر مياه صالحة للشرب يتطلب مراقبة مستمرة للمعايير الكيميائية، البيولوجية، والفيزيائية للمياه، وتنفيذ طرق تطهير حديثة وفعالة.